سوق العمل في اليمن تواجه تحديات صعبة
مايو 19, 2017
عدد المشاهدات 1395
عدد التعليقات 0
صنعاء – جمال محمد
تفاقم الصعوبات الأمنية والسياسية الكبيرة في اليمن مشكلات سوق العمل وتوثّر في شكل كبير في العمل اللائق، وفقاً لدراسة أعدّتها أخيراً «منظّمة العمل الدولية» و»المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات» اليمني، وحملت عنوان «أثر ظروف الهشاشة والنزاع في اليمن على العمل اللائق».
وأشارت الدراسة إلى أن «ما تعانيه سوق العمل اليوم من تحديات يستدعي تدخّلات ذات أبعاد مختلفة، منها عاجلة وأخرى في المدى القصير وثالثة في الأجلين المتوسّط والطويل». وأضافت أن «فجوات معايير العمل اللائق في اليمن استمرّت، وظهر الضعف الرئيس في عدم المتابعة وتقويم البرنامج الوطني للعمل اللائق، وتتواصل سلسلة التحديات أمام سوق العمل والمجتمع اليمني في ضوء الفجوات القائمة، وكذلك في ظل الصراع الذي فاقم الوضع الاقتصادي والظروف المعيشية وغيّر من الأولويات والمتطلّبات ليجعل من تلك المعايير والأهداف غايات بعيدة المدى إن لم نقل غير منطقية».
وتستهدف الدراسة إعداد وثيقة تساعد الحكومة اليمنية والمانحين في توجيه تدخّلاتهم ووضع الاستراتيجيات ورسم السياسات بما يتناسب مع مرحلة النزاع الحالية، والمساهمة في بناء السلام والحؤول دون ظهور نزاعات مستقبلاً. وشرحت تأثّر سوق العمل ومعايير العمل اللائق بحالات الهشاشة، والمجالات التي يمكن أن تعمل فيها المنظّمات الدولية لمواجهة العجز في العمل اللائق. ويصنّف المجتمع اليمني بأنه مجتمع فتي، إذ تبلغ نسبة السكّان الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً نحو 43 في المئة من إجمالي عدد السكّان المقدّر بنحو 26.6 مليون شخص عام 2015، وفق الإحصاءات السكانية.
ويقدّر عدد العاملين ممن تتجاوز أعمارهم 15 عاماً بحوالى 4.781 مليون شخص في مقابل 18.373 مليون لا يعملون، ما يرفع نسبة الإعالة الاقتصادية الكلية إلى 484 في المئة والإعالة العمرية 84 في المئة. ولاحظت الدراسة ارتفاع معدّل غير النشطين اقتصادياً إلى 57.4 في المئة، ما يشير إلى الطاقات البشرية المعطّلة والمهدورة. أما البطالة التي قدّرت بنحو 14.3 في المئة عام 2010 وبمتوسّط 15.3 في المئة بين عامي 2004 و2010، فترتفع بين الإناث إلى 39 في المئة في مقابل 11 في المئة بين الذكور، وهي معدّلات اعتبرتها الدراسة ضئيلة، مقارنةً بما تورده التقارير الدولية والتي تضعها عند 35 في المئة من قوة العمل.
ولفتت الدراسة إلى أن «ما يزيد الأمر سوءاً أن نسبة عالية من العاطلين من العمل هم من الشباب وخرّيجي الجامعات تحديداً، إذ يتجاوز عدد الخرّيجين الذين سجلوا طلباً للوظيفة العامة 113 ألفاً بين عامي 2002 و2010، فضلاً عن حوالى 200 ألف من الداخلين الجدد سنوياً إلى سوق العمل وبمتوسّط نمو سنوي 3.5 في المئة».
وقدّر «البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية للفترة 2012- 2014» البطالة في الفئة العمرية 15- 24 سنة بنحو 52.9 في المئة، وبطالة المتعلّمين بنحو 25 في المئة.
وخلصت الدراسة إلى أن «الاقتصاد بمؤشّراته المختلفة كان بلغ وضعاً صعباً خلال الفترة الماضية، وما زاد الأمر تعقيداً عدم إيلاء الجانب الاقتصادي الاهتمام الذي يستحقّه من قبل الدولة». وأكدت أن «فشل السياسات الاقتصادية انعكس استمراراً في تشوّهات هيكل الاقتصاد والاعتماد على قطاع النفط وتراجع القطاعات الإنتاجية السلعية، إلى جانب تفاقم عجز الموازين الداخلية والخارجية، إذ إن تأثيرات ذلك وانعكاساتها على سوق العمل كانت سلبية ولم تمكّن من إصلاح الاختلالات أو تقليص فجواته، كما أن السياسات الاقتصادية لم تصبّ في مصلحة الفقراء، بل كانت ضدّهم وأدّت إلى القضاء على الطبقة الوسطى وانزلاقها إلى الفقر والذي يتّسع يوماً بعد يوم ليشمل حوالى نصف السكّان، مع انعدام فرص العمل أمام الآلاف من الشباب وانحسار الحماية الاجتماعية».
وتوقّعت الدراسة أن «يستمرّ ضغط النمو السكاني على سوق العمل نتيجة زيادة السكّان في سن التعليم والتدريب (6- 17 سنة)، وكذلك من هم في سن العمل (15-64 سنة)، والتي تتطلّب خلق نحو 200 ألف فرصة عمل سنوياً، ما يجعل سوق العمل عاجزة عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الباحثين عن عمل».
وارتفع عدد السكّان في سن العمل من 10.8 مليون شخص عام 2004 إلى 12.8 مليون في 2010، ليبلغ 13.4 مليون في 2013-2014. وزادت قوة العمل، أي العاملين والعاطلين من العمل، من 4.2 مليون شخص إلى أكثر من خمسة ملايين و5.7 مليون على التوالي، كما نما معدّل المشاركة في قوة العمل من 39.2 في المئة إلى 39.5 في المئة ثم إلى 42.3 في المئة خلال الفترة المذكورة، ومعدّل التشغيل إلى السكان في سن العمل من 32.9 في المئة عام 2004 إلى 37.4 في المئة عام 2014، وبالتالي لم يتمكّن معدّل التشغيل من مواكبة نمو قوة العمل نتيجة النمو البطيء لفرص العمل من جهة والنمو السكّاني العالي من جهة أخرى. وقدّرت الدراسة معدّل مشاركة الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً بنحو 25.8 في المئة، والذين تتجاوز أعمارهم 25 عاماً بنحو 42.4 في المئة. وأكدت أن «فقدان الوظائف يمثّل تحدياً كبيراً لأي عملية سلام في اليمن، خصوصاً أن غالبية الأسر لجأت إلى مدّخراتها أو تكيّفت مع حال الحرمان المادي».
ويعدّ القطاع الزراعي الأكثر تضرّراً، إذ خسر نحو 50 في المئة من العاملين أعمالهم، يليه قطاع الخدمات. ونجم عن تلك النتائج المباشرة آثار طويلة الأجل، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمرافق العامة والبنية التحتية، والذي يفاقم التحديات القائمة أصلاً في سوق العمل، كما أن إعادة دمج الأعداد الكبيرة من المتحاربين في سوق العمل واحدة من أبرز التحديات في مرحلة السلام.
وأفادت الدراسة بأن «قدرة الحكومة على التوظيف وإيجاد فرص عمل جديدة تأثّرت بعد تعليق معظم التزاماتها وتجميد الإنفاق الاستثماري في شكل كامل، نتيجة الضغوط الشديدة على الموازنة العامة والتي رفعت العجز إلى نحو 11 في المئة من الناتج عام 2015، والفجوة التمويلية إلى 5.8 بليون دولار عام 2016».