عالم الفن

العطروش.. تاريخ طويل من الإبداع والتألق

مايو 12, 2018
عدد المشاهدات 1047
عدد التعليقات 0
مازن حنتوش

الأغنية الوطنية التحريضية، سلاح رديف في مرحلة الكفاح المسلح، التي خاضها شعبنا في جنوب اليمن المحتل من قبل بريطانيا، إلى جانب البندقية والمدفع، ولم يقل شأناً عن ذلك في تأجيج حماسة الناس وإلهاب مشاعرهم، وفضح مخططات الاستعمار وكشف حقيقة الأوضاع للقاصي والداني، الأمر الذي قاد شعبنا الجبار لمواجهة اعظم امبراطورية عرفها التاريخ بالإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وكان لهذا التلازم النضالي طلقة البندقية وطلقة الكلمة، لتجد أثره الفعال والإيجابي في تحقيق النصر العظيم المخلد في الثلاثين من نوفمبر 1967م. 
وقد ظلت تلك الأغنيات التحريضية و الحماسية بما حملت من تعبير صادق عن جوهر القضية وأحلام الشعب من الخلاص ومن صدق المشاعر وفيض الحماس ظلت ولا زالت كما هي، تحمل ذات المضمون وذات الدلالة، يتغنى بها الناس في شتى المجالس والمقايل عندما يشتد الجدال في ما بينهم . وبرغم مرور عقود على ميلادها، فهي تتجدد مع تجدد تلك المناسبات العظيمة التي تشعرنا بالكرامة الذي ننالها بفضل التضحيات الجسيمة والمواقف البطولية، التي لازال يتذكرها من عاصرها في تلك الفترة. 
محمد محسن عطروش كان ذا السبق، و هو من أهم الملحنين والفنانين في تاريخ الأغنية اليمنية والعربية، ويعتبره المؤرخون بمثابة ثروة وطنية وصاحب تاريخ ومعين لاينضب بالعطاء في مجال الأغنية الوطنية، التي شارك بها في تحريك تلك المشاعر الوطنية، منذ سنوات مبكرة من عمر ثورة 14 أكتووبر1967كجواز مرور له. 
بدأ الغناء عام 1958 حيث غنى ولحن أشهر الأغاني في تلك الفترة وكان أول من غنى للوطن ضد الاستعمار البريطاني، وكان ذلك من خلال أغنية ابدع في كتابة كلماتها الشاعر المرحوم عمر عبدالله نسير، الذي بدأ بكتابة الشعر في سن مبكرة، واشتهر كثيراً في حفلات السمر والدان التي يتبارى فيها الشعراء آنذاك بقول الشعر ايام الندوة الفضلية، وقد برع نسير في ذلك في الستينات من القرن الماضي، وكوّن الشاعر نسير مع الفنان القدير محمد محسن عطروش ثنائيا رائعا. كتب وأبدع في الأغاني الوطنية والعاطفية بشكل ملحوظ، وامتازت أشعاره بالرقة والعذوبة، وحنكته في التعبير وسهولة الفهم لكل شرائح المجتمع .
حيث تقول القصيدة المغناة:
برع يا استعمار.. 
من أرض الأحرار..
برع والا لليل
يطويه التيار
ومن حيث المطربين والمطربات اليمنيين الذين غنوا للفنان العطروش،فمنهم: العزاني وأحمد علي قاسم وعوض أحمد ورجاء باسودان وصباح منصر ومحمد سعيد منصر وعبد الكريم توفيق، وآخرون.

ولد العطروش في قرية المحل التابعة لمديرية زنجبار في محافظة أبين 1940، في أسرة بسيطة مكونة من 12 أخاً وأختا وكان البكر بين إخوته الذكور، ووالده هو المقرئ العلامة الشيخ محسن عبد الله عطروش، تعلم الفنان العطروش الأدب الإنجليزي في جمهورية مصر العربية، وتخرج من كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1967، وأجاد الإنجليزية لغة وأدباً. 
للفنان العطروش العديد من الأشعار والاجتهادات والمفاهيم في الأغنية الشعبية والعاطفية والفلكلورية، وكتب كلمات العديد من الأغنيات ومنها: أنا بازوكة، يا شباب، راح مني حبيبي، ماعلى العاشق، عاملوني صفا، عهد الهوى ، يالحج ياضالع، بوس التراب، صباح الخير، شوف من خان لا كان، فراق الاحبة، وانت حبيبي. 
صنف العطروش على أنه احد عناقيد الفن والطرب الأصيل، وصاحب المدرسة الفنية والمتميزة و المتجددة والاستثنائية من حيث التوزيع الموسيقي للأغنية والتي لاقت جمهورا سماعيا راقيا، ولازالت تسمع الى يومنا هذا. 
انفرد العطروش بالأغنيات الممزوجة بعذوبة النغمات والألحان والجمل الموسيقية المنقوشة على جدار الزمان والمكان بأروع المعاني والصور الإبداعية والجمالية الآسرة والحالمة و الخلابة. عشت وعاش الوطن أجمل .

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى