الانتشار النمطي للارهاب

مارس 04, 2018
عدد المشاهدات 959
عدد التعليقات 0
الانتشار النمطيللارهاب
جوتيار تمر/ كوردستان
معضلة الوجود البشريلاتتوقف عند حاجاته الغرائزية فحسب، بل تتعداها الى خلق اشكال وصور نمطية متوازيةللحركية الغرائزية الداخلية كي تتوافق مع الموجودات الخارجية، على ان هذهالموجودات الخارجية هي وحدها التي تحلق خارج النمطية الغرائزية باعتبارها التجدد والتحديث والتطور المصوغ خارجياً ضمنالموجودات والمنتوجات والمصنوعات والمخلوقات الناجمة من الحراك النمطي الغريزيالبشري منذ تكوينه الاول.
على هذا الاساس نرىبأن ما يتبعه البشر في مواكبة الموجودات الخارجية هو اتباع المنهج التحديثي لفرضرؤيته النمطية الاساسية والتي ترتكز على اشباع غرائزه بكل توجهاتها.. وهذا ما يجعلمن النمطية التقليدية موجودة في الحدث الاساس الغريزة الطامحة في تحقيق ما تريد..ولكنها في مسارها النمطي تستخدم الان مستجدات عصرية ووسائل مختلفة غير التي كانتتستخدم في البدء.. وهذا ما يجعلنا نقول بالنمطية كون الجوهر ثابت الغريزية علىالرغم من صورها التنوعية الحالية.
وهذا هو الارهابالحالي حيث جوهره متصل افقيا وعمودياً بالاصل الثابت الغريزة البشرية، ولكنالوسائل تختلف في تحقيق ما تصبو اليه تلك الغريزة.. ولقد برهن الارهاب منذ البدءعلى انه تصور استحداثي براني خارجي اكثر ما هو تحديث فكري جوهري ضمني، فالجوهروالمضمون الارهابي ثابت وهو ازاحة كل ما لا يتوافق معه، ومع صيرورته وفكره الدموي،الملتحف بالرداء الديني او المتكلم باسم الله وكذلم الملتحف بالفكر البشري الداعيللانسانية او المتكلم باسم البشر، وهذا بالذات الذي يجعل من الجوهر الارهابي ثابتلايتغير، الله عندهم هو مصدر الالهام والتشريع والآمر وانهم مجرد عبيد يؤدونواجباتهم المقدسة تجاه الله المقدس عندهم.. او انهم دعاة الانسانية الحديثة الذينيسعون لتحقيق التكافأ بين المصوغات السماوية والارضية.
ولان الجوهر ثابت فانالارهاب لابد ان يواجه التحديات العصرية التي تعيق تحركه، فهو من جهة لايريد انيخرج عن الجوهر اي تحقيق امر الله او رغبة الانسانية الحديثة، ومن جهة اخرىلايمكنه مواجهة الواقع العصري بكل استحداثاته وتطوراته، وهذا ما يخلق لدى البعضالشك في النمطية التي يتبعها الارهاب، ظناً منهم بان الوسائل هي التي تخلق النمطيةوتخرج عنها، دون الاخذ بنظر الاعتبار ان الجوهر الفكري للاهارب هو المخصصبالنمطية.
ومن يراقب التجربةالبشرية على الخراب الارضي يجد ان الجوهر الغرائزي لم يتغير ضمنياً وكفكرة، انما فقط تغير بالرداء الذييلبسه في كل مرة، ولأن الغريزة هي المحرك، فان الصورة واضحة سواء من حيث الطلبالميثولوحي الثيولوجي المهمين على الوسط الارهابي منذ بدء الخليقة وحركية الصورةالتي طرد الانسان من خلالها من مأواه الاصل ومكانه الاصل الى هذه الارض الخراب، اممن خلال المترتبات التي اوجدتها الغريزة البشرية بعد تقبله لواقعه الجديد الارضي، وهذاما يمكن ان نصنفه بالمنبع الاساس للانتشار النمطي الارهابي البدائي والمستمر،لاسيما انه حين تشيع بين البشرية تلك الرؤية التي مفادها ازاحة الاخر دون الرجوعالى مايمكن ان يوقف تلك الرؤية او حتى دون الرجوع الى الماهيات والممكنات التي قدترافق وتخلفها تلك الرؤية، وذلك بعرضها على الواقع الحياتي البشري من خلال موجباتالعقل والفكر فان الانتشار النمطي يغدو واقعاً ملموساً وواضحاً لايمكن انكاره اوتجاهل مقاصده النمطية المبنية اساساً على الغريزة الاولية والبدائية.
وما يدعونا الى القولبالنمطية هو ان الانتشار الارهابي الذيلايخضع الان لوسائلية واحدة في صورته الخارجية، لكونه يتجانس مع التطورات الحدثيةعلى الساحة الارضية بصورة عامة، ولكنه في فعله وما ينتجه وما يدعوا اليه بل حتىفيما يسعى لتحقيقه في الجوهر ” ازاحة الاخر”، هو تأكد لمقولة النمطيةالغرائزية وتأكد في الوقت نفسه للوجهة الاضطرارية للارهاب في تقبل الممكناتالحداثية للانتشار، والملفت للنظر هو الانتشار السريع للوسائل الارهابية المحافظةعلى جوهرها، وهذا ما يجعلنا ان نعزي ذلك الى وجود البيئة الثقافية والنفسيةالمتاحة لتقبل الفكر النمطي والانصياع للواقع التحديثي التجديدي الوسائلي وذلك عبرتوظيفات فكرية ناجمة عن استغلال الوسائل الاعلامية لفرض الرؤية الارهابية بالطبععبر استخدام تقنية الترهيب وغرس الخوف في النفوس من جهة، وكذلك عبر اتخاذ النموذجالديني والايديولوجي الترهيبي ايضا للعامة، والترغيبي لاصحاب الفكر الارهابي منجهة اخرى، وهذا بالضبط نقطة التحول في الفكر الارهابي، فحين يشاع الفزع والخوفويصبح الامر وكأنه حرب ضد المجهول الذي لايلبس ضمن سياقاته الرداء الخارجي النمطي،لكنه في الجوهر يمارس الفعل الغرائزي النمطي الارهابي المؤدي الى قتل الاخروازاحته، وتعمل وسائل الاعلام على نشر الفكرة دون وعي استباقي بالمؤثرات النفسيةوالارهاصات الجانبية التي قد تنتج من هذا النقل والنشر، فان الاستفعال الجوهريللفكر الارهابي يتوغل بصورة طوعية داخل المنطومات البشرية، مما يعني بالتالي اناية بيئة متاحة ومناخ مهيأ جراء خوف ذاتي او رفض محتمل للواقع سيدخل ضمن دوامةالنمطية الارهابية الفكرية، وحينها سيبحث عن الوسيلة التي تناسب وقته ومكانهللقيام بالجرم الارهابي.
وما يحدث الان علىالخراب الارضي خير دليل على وجود النمط الجوهري الارهابي الغرائزي البشري.. ليسالثيولوجي الديني فحسب انما حتى ضمن سياق الافكار البشرية المستحدثة ايضاً ، التيتتبنى الفكرة الاساس والاصل والجوهر والتيتتمثل كما سبق وان قلنا بازاحة الاخر او اخضاع الاخر.. وفي المقابل ان الوسائلالاعلامية تساهم بشكل كبيرة في انتشار النمط الارهابي، وذلك من خلال مواكبتهاوبمبالغة ما يقوم به هولاء الارهابيون، وحين نسترجع بالذاكرة القريبة سنجد انالتفجيرات كانت هي حصيلة ذهنية تجددية واقعية تعبر عن الجوهر النمطي الارهابي حيثكانت في البدء موجهة ضمن المؤسسات والمنشأت الحيوية، ثم تحولت الى المرافقالحكومية والاماكن التي يتواجد فيها اتباع السلطات، وثم توجهت نحو المرافق العامة،الاسواق، الميتروات، وفي الوقت نفسه سنجد انه حين اصبحت الانظار موجهة نحو هذهالوسيلة، تكيف الارهاب مع واقع اخر وهو التنوع الوسائلي فاصبح وفي اكثر من حادثةمتكررة يوظف الفئات القابلة للفكر الارهابي وذلك عبر اعمال فردية يقوم بها اشخاصداخل مجتمعات منوعة وذات ثقافات مختلفة، ولكن في الغالب يكون من يقوم بالعمل هومنتمي الى ثقافة دينية او فكرية واحدة، كما حدث في كل من فرنسا سواء بالهجوم علىمقر احدى الصحف، او الهجوم بالحافلة، وفي المانيا مسلح يطلق النار على الناس العامةفي المحلات التجارية، او في امريكا اطلاق النار العشوائي في المدارس والشوارعوالضحايا ليسوا اصحاب مؤسسات ولا اتباع السلطات انما افراد عاديون من عامة الناس،وبالتالي ان النمطية الارهابية السريعة الانتشار اخذت تؤثر على النفسيات البشريةواخذت تعطي للفئات المتاحة والمهيئة ثقافياً ونفسياً وسائل تجددية لتحقيق الفكرالاساس النمطي والجوهري في قتل الاخرين وازاحتهم.