حين يكون الدستور لادستورياً
أكتوبر 09, 2018
عدد المشاهدات 65358
عدد التعليقات 0
حين يكون الدستورلادستورياً
جوتيار تمر /كوردستان
3-10-2018
لم يعد الدستور فيالعراق الا واجهة لتحقيق الاهداف التي يسعى اليها الاجندات المتحكمة بالحكم فيالعراق، وخلافاً لكل القيم الدستورية المتعارف عليها دولياً نجد بأن الدستورالعراقي وحده يتم تأويله وفق المصلحوية السلطوية دون الاخد باية اعتبارات قانونيةوتشريعية ولا حتى شعبية، فحين يتعارض الدستور مصالح الفيئات المتحكمة يلجأون الىالتأويل الظاهري او الضمني لبعض الفقرات بما يتناسب رغبتهم وهدفهم ومصلحتهم،وبالطبع هذا ليس مجرد مفارقة آنية او حدث عرضي حصل وانتهى الامر، انما هي مفارقةتتكرر كل مرة تعترض فقرة قانونية دستورية طريق اصحاب المصالح في العراق.
لايوجد في دولة شيءيعيق تطبيق دستورها الا اذا ما تعارض مادة دستورية مع الامن القومي وهدد الاستقرارفي الدولة ضمن ظرف مستحدث وطارئ وغير ثابت، وقتها تلجأ السلطة الى اتخاذ قرار استشاري مع المجلسين التشريعيوالتنفيذي وبذلك يتم معالجة الامر وفق تشريع اخر يسمح للسلطة للقيام بما يحفظ امنالدولة واستقرارها، والغريب انه في العراق اصلاً الدولة لاسيادة لها، والامنالمشهد الواقعي هو الذي يتحدث عن نفسه لما فيه من فوضى وتفجيرات وقتل وتهجيرومظاهرات واغتيالات تشمل جميع فيئات المجتمع بحيث لم تعد الاغتيالات حكراً علىالساسة والقادة العسكريين والمسؤولين انما شملت المواطنيين ممن لهم دور فعال فيخدمة المجتمع المدني والانساني وحتى الشخصيات الفنية وغيرهم ، هذا اللا استقرارلست انا من يصوغه بكلماته، انما هو واقع حي وعياني يمكن لغير الاعمى ان يراه ويسمععنه، لذا لايمكن ان يبرر اي خرق للدستور على انه للحفاظ على الامن القومي والوطني،على هذا الاساس تأتي الخروقات الدستورية بشكل واضح وجلي خدمة للمصلحة السلطويةوالاجندات الخارجية المتحكمة بتلك السلطوية والساعية لبث سمومها لتفرقة الشعبالمتفرق اصلاً، ولهدم البنية الاجتماعية والاقتصادية المنهارة والمتهدمة فيالاساس.
وحين يتحول الدستورفي اي بلد الى وسيلة لتحقيق اغراض واهداف جماعات تريد ان تتفرد بالسلطة والسيطرةعلى موارد الدولة وقتها لايمكن اعتبار الدستور دستوراً وقانونا ملمزماً لجميعالجماعات السياسية والقومية والمذهبية، وبذلك تتحول الدولة غير المستقرة الى ساحةصراع يتجدد في كل مرحلة يتطلب الامر اللجوء الى الدستور للفصل في الخلافات ، وهذابالضبط ما يحدث في الخراب المسمى بالعراق.
الخلافات تبدأ بالتفسيراتوالتأويلات ، وهما يأتيان عندما تكون السلطة دكتاتورية تريد التحكم بكل شيء بالعنفوالقوة، دون الحوار والتفاهم ، ولعل ما حدث قبل عام تقريباً في كوردستان هو نتاجطبيعي لتلك السلطوية الدكتاتورية الساعية لفرض ارادتها على جميع الجماعات العرقيةوالقومية داخل جغرافية ما يسمى بجمهورية العراق، واقصد بذلك الاستفتاء الكوردستانيللاستقلال ، ولكن هذا لم يكن الامر الوحيد فيما يتعلق بالخروقات الدستوريةللسلطوية لأن الاستفتاء في الاصل كان نتاج السياسة الخاطئة للسلطوية المركزية تجاهالكورد ككل، في حين استمرت الخروقات بعد الاستفتاء حيث حاولت السلطوية ان تمارسالعنف واستخدمت الجيش ضد جماعة معترف بها دستورياً، وتعدى الامر ذلك الى نشوب حربوقتال، ومن ثم الى استخدام الدستور للضغط على الكورد من خلال منع الطيران واغلاقالحدود ومحاولة استعادة المناطق الكوردية المتنازع عليها، وكل ذلك باسم الدستور.
واليوم حين ننظر الىالسلطوية المصلحوية فاننا امام مشهد يتكررلاسيما فيما يخص التفسير والتأويل لفقرات الدستور، فقد اختلفت الاراء حول صحةاختيار رئيس البرلمان العراقي الحالي وذلك لعدم بلوغه السن القانونية، فرأت بعضالجماعات انه خرق قانوني وفق نص المادة 138/3/أ والتي تشترط في اعضاء مجلس الرئاسة”رئاسة الجمهورية ” ما يشترط في عضو مجلس النواب على ان يكون أتمالاربعين عاما من عمره بينما ريس البرلماني الحالي عمره 37 سنة، وحول نفس الفقرةيرى اخرون هذا القانون لايشمل رئيس البرلمان اليوم، لان الدستور قرر عمر الاربعينلرئيس الجمهورية وفق المادة (68)، وعمر الخامسة والثلاثين لرئيس مجلس الوزراء طبقاللمادة (77) من الدستور الفقرة اولاً، وعمر النائب والوزير الثلاثين – لاتوجد فقرةتخص الوزير انما هو استنتاج – ولم يحدد الدستور عمر رئيس مجلس النواب كما فعل معرئيس الجمهورية، وبالطبع كل هذا موجود ضمن آلية صياغة الدستور، ولكن التضاد يبدأحين يتم المحاصصة والمخاصصة بين الاطراف المتصارعة على السلطوية، فانهم يجعلونالرئيسات الثلاث مقترنة ببعضها لتحقق اغراضهم وتقسيماتهم السلطوية، ولكن حينيتعارض ذلك مع غموض في التفسيرات الدستورية فان الامر ليس مهماً بتاتاً طالما انهيحقق تلك الاهداف التي يريدونها ويسعون لتحقيقها.
وما حدث قبل يومينايضا جاء مكملاً لتلك الغرضية المصلحوية في اختيار رئيس الجمهورية، حيث دستورياًيجب ان يكون من الكتلة الاكبر ” بالطبع الكتلة الكوردية الاكبر” ولكنسار وفق تأويلات اخرى وهو المتعارف عليه سابقاً وكأن الدستور باكمله ليس الا اداةفوضوية لايعتمد عليه الا حين يتعارض الامر ويعيق تحقيق اغراض السلطوية وجماعاتالضغط التي تظهر بين حين واخر لتقوم بدورها الوحشي في وأد ارادة الدستور والقانونوفرض قانون المصلحة، فاذا استندنا على المتعارف عليه علينا ان نفعل ذلك كلياً اذاًوليس جزئياً لانه من المتعارف عليه ايضاً ان يتم الاختيار ضمن القوائم الكورديةداخل البرلمان وليس ان يصوت جميع مكونات البرلمان على اختيار رئيس الجمهورية، لكنحقاً الامر لم يعد يتعلق بالدستور وفرضه وتحقيق مقاصده القانونية، انما اللادستورالمسمى دستور في الخراب المسمى بدولة العراق ليس الا سيف بيد الاجندات الخارجيةوجماعات الضغط الداخلية التي دائما تكون على اهبة الاستعداد للخرق وشق الصفالوحدوي الكوردي بالذات تلك الجماعات التي لاتنتمي الى القضية الا بالاسم وهي فيالاصل ليست الا اداة نتنة بيد السلطوية المصلحوية العراقية و الخارجية.