مقالات

لوبان قد تفوز بالرئاسة

مايو 02, 2017
عدد المشاهدات 733
عدد التعليقات 0
زلالتا روديونوفا

اجتاحت أوروبا موجة من الارتياح العارم، بعد فوز المرشح إيمانويل ماكرون بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية أخيراً.

فاحتفت الأسواق مع ارتفاع اليورو قليلاً إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر، في مقابل سلة من العملات، كما ارتفع مؤشر «كاك» في باريس 4.1 في المئة، وكأنه بذلك يشطب زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبن من رئاسة فرنسا المقبلة، ومعها التهديد الوجودي الذي تمثله لليورو وأوروبا نفسها.

وصفقت بروكسل وألمانيا لفوز ماكرون، آملتين أن يحيي الشراكة الفرنسية الألمانية التي هي في قلب الاتحاد الأوروبي، ويضع حداً للموجة الشعوبية التي اجتاحت القارة في الأشهر الأخيرة.

لكن ألسنا نأخذ هذا الفوز كأمر محسوم منه، ونحتفي به قبل الأوان؟.

وفقاً لاستطلاع أجرته شركة «أبسوس» لتلفزيون فرنسا، سوف يحصل ماكرون المصرفي السابق، البالغ من العمر 39 عاماً، على 62 % من الأصوات، بالمقارنة مع 38 % لمارين لوبان، لكن حتى لو بدت لوبان بأنها تتراجع، فإنه من الخطر عدم احتساب فرصها في الفوز بالسباق إلى قصر الإليزيه. فهي لم تكن يوماً تحظى بهذا القدر من الشعبية.

حزب لوبان، الجبهة الوطنية، حتى تنحيها أخيراً في خطوة رمزية، فُسرت بأنها محاولة للوصول إلى عدد أكبر من الناخبين، سجل رقماً قياسياً وصل إلى 7.6 ملايين ناخب أخيراً، وهذه أعلى نتيجة يحظى بها مرشح عن الجبهة الوطنية حتى تاريخه، بـ 2.8 مليون صوت أكثر مما حصل عليه جان ماري لوبان، عندما فاز في الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية عام 2002.

ومن الجدير بالذكر، أن الأب لوبان سُحق من قبل خصمه جاك شيراك، الذي حصل على 82 % من الأصوات النهائية ذاك العام، وهو رقم أكثر بنسبة 20 % من العدد المتوقع أن يحصل عليه ماكرون، ما يظهر أن مثل تلك المعارضة القوية للجبهة الوطنية تتلاشى بين الناخبين.

فرنسا اليوم بلد أكثر انقساماً مما كانت عليه في عام 2002. البلاد مشلولة بارتفاع معدلات البطالة، مع ثلاثة ملايين شخص أو 10.2 % من القوة العاملة دون وظائف، كما أن المخاوف الأمنية مسيطرة على أذهان الناخبين، بعد مقتل أكثر من 200 شخص في هجمات إرهابية على التراب الفرنسي منذ عام 2015.

وهذا الموضوع لعب لصالح لوبان، وهي تعرف ذلك جيداً. ينبغي على ماكرون الآن إقناع الناخبين المترددين، الذين يرون في المصرفي السابق «إعادة تجسيد للرأسمالية»، بالتوجه إلى صناديق الاقتراع ومعالجة الانقسام الذي يشق البلاد.

وهذا لن يكون سهلاً، كما يبدو عليه. يقول طالب حقوق في الـ 25 من عمره، كان قد صوت لجان لوك ميلانشون، المرشح اليساري: «لست متأكداً بعد من أنني سأصوت في الجولة الثانية»، ويسأل كل من دعم ميلانشون هذا السؤال: «لماذا يجب أن أعطي صوتي لمرشح من النخبة لا أؤمن به؟

الآن لست متأكداً من أي شيء، لكن يغريني أن أصوت ببطاقة بيضاء».

مهندسة معمارية في أوائل الثلاثينات تعمل في باريس، كانت قد دعمت ماكرون في الجولة الأولى تقول: «أنا سعيدة بفوزه في السباق الأول، لكن الأمر لم ينتهِ بعد. أخيراً كان يحتفي كما لو أنه فاز بالسباق. أعتقد أن هذا غطرسة منه، خصوصاً بالنظر إلى الرقم العالي الذي حصلت عليه الجبهة الوطنية تاريخياً».

بالتأكيد، ارتكب ماكرون خطأه الأول من خلال الاحتفال بفوزه في مطعم أنيق، في حفلة قارنها المعلقون بالليلة سيئة الصيت للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في فوكيه، المطعم الباريسي الفخم، بعد فوزه الانتخابي عام 2007، وهي من نوع مناسبات «النخبة السياسية»، التي قد يشعر الناخبون بالنفور منها.

كثيرون، بما في ذلك زعيم حزب الخضر في فرنسا، ديفيد كورمند، الذي انتقد العشاء، زاعماً أن تأهل الجبهة الوطنية إلى الجولة الثانية ليس سبباً لاحتفاء أحد.

يذكر أن مستطلعي الرأي يقولون إنه من غير المرجح أن تتمكن لوبان من الفوز في السباق ضد ماكرون. وقال الخبراء في هذا المجال، إن تدمير فرص ماكرون تتطلب فضيحة من «عيار ثقيل»، لكن إذا كانت الأحداث في عام 2016 قد علمتنا درساً، فهو أن تلك الاستطلاعات يمكن أن تكون على خطأ.

تبقى هناك أيام قليلة على الجولة الثانية في 7 مايو بين المرشحين الرئاسيين المتبقيين. يتضمن بيان لوبان، بين سياسات أخرى، التفاوض مع الاتحاد الأوروبي على عودة السيادة الفرنسية، العودة إلى الفرنك، الحد من التجارة الحرة، خفض الهجرة واستفتاء يمكن أن يؤدي إلى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.

وبدلاً من الاحتفال، ينبغي أن يبدأ ماكرون بالعمل، إذا كان يريد تفادي نتائج انتخابات مثيرة للصدمة في الغرب في عام 2017.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى