أبريل 02, 2018
عدد المشاهدات 1992
عدد التعليقات 0
رضوان السيد
لأول مرةٍ في تاريخ لبنان الحديث، يكاد العنوان السياسي للانتخابات يكونَ مفقوداً. وباستثناء المعسكر الشيعي الذي يحدّد مرشحيه من محازبيه وحسْب، فإنّ سائر الآخرين يستدعون مرشحيهم من الأغنياء الذين يستطيعون دفع التكاليف وتبقى لرئيس اللائحة بعض المكاسب والأرباح. لذلك لا هدف لسائر المشاركين، وبخاصةٍ الداخلين في التسوية التي جاءت بالحكومة، إلاّ زيادة عدد الناجحين على لوائحهم، وأن يكونَ ذلك بأقلّ إنفاق ممكن. وهناك فرقاء يتوخون أن لا يخسروا أكثر من اللازم، وبالذات الذين كانوا في تحالف 14 آذار في انتخابات 2009. ولنتذكّر أنّ الجماعة الإسلامية مثلاً تتحالف مع التيار الوطني الحر في عدة دوائر انتخابية، بينما يتقارب تيار المستقبل أو يتحالف مع جهاتٍ مختلفة في الدوائر المختلفة، ويدنو جنبلاط في دوائر إلى «حزب الله»، وفي دوائر أُخرى إلى تيار المستقبل أو القوات اللبنانية! وحده «حزب الله» لا يتحالف مع خصومه السابقين، ولا يرشّح على لوائحه غير الحزبيين، أمّا الموجودون من السنة والمسيحيين على لوائحه مع حركة أمل في مناطق الكثرة الشيعية فتابعون وليسوا حلفاء، بدليل أنه أعلن أولاً عن أسماء المرشحين الشيعة في كل لبنان وعددهم 27، ثم صار يعلن عن الآخرين من غير الشيعة المحازبين في كل منطقة أو دائرة انتخابية بالتدريج. وظهرت لديه مشكلة في دائرة واحدة فقط هي دائرة جبيل، حيث للشيعة مقعدٌ واحدٌ، والأكثرية مسيحية. وعادةً يكون المرشح الشيعي على لائحة أحد المسيحيين البارزين. لكن الحزب وإظهاراً لتفوقه رشّح شيعياً من آل زعيتر من قيادته، وراح يقنع أبناء عائلات مسيحية بالترشح معه على اللائحة باعتباره رئيسها. وبحكم الصوت التفضيلي في قانون الانتخاب، فلن ينجح غيره من اللائحة، لأنه يستأثر بكل التفضيليات الشيعية (حوالى العشرة الآلاف ناخب)، بينما لن يصوّت للائحته غير المئات من المسيحيين الذين تستأثر بأصواتهم اللوائح المسيحية الأُخرى، خاصة لائحة النائب السابق فارس سعيد ثم لائحة العونيين. لماذا نتحدث في عنوان المقال عن الأبعاد الإقليمية للانتخابات، ما دام معظم الداخلين فيها ليست عندهم غير الهموم المحلية للوجود في البرلمان؟ نقول ذلك لأنّ «حزب الله» يؤكد على المعنى السياسي والاستراتيجي لوجوده ووجود الشيعة أقوياء في لبنان والمنطقة. فقبل عشرة أيام قال نصر الله لوفد إيراني، إنّ معظم سكان لبنان كانوا شيعة، إنما بسبب الاستضعاف تحول بعضهم إلى السنة أو المسيحيين، بينما الشيعة اليوم هم أقوى قوة بالمنطقة وليس في لبنان فقط، بسبب سياسات الولي الفقيه. ومنذ شهور، ومع ازدياد التوتر بين أميركا وإيران، تتجدد للحزب الوظائف الإقليمية، فهو مكلَّفٌ بعد الغزوة السورية المتواصلة، بالضغط مع الحرس الثوري على الحدود الأردنية والجبهة مع إسرائيل في الجولان. وقد يندفع من جنوب لبنان بصواريخه. وقبل أيام قليلة اعتبر أمينه العام أنّ إطلاق الصواريخ من الحوثيين على السعودية «إنجاز عسكري كبير». لذلك يريد أن تكون لديه تغطية داخلية بقدر الإمكان، لأنه يفتقر للاعتراف الكامل في لبنان، وهو متهمٌ بالإرهاب لدى العرب والدوليين. ولذا فوجوده بلبنان يعتمد على قوة سلاحه والغَلَبة التي فرضها، فكيف إذا أضاف لذلك أكثرية برلمانية موصوفة، قد تعمد لشرعنة سلاحه بالقانون، كما حصل للحشد الشعبي بالعراق، البلد العربي الآخر الذي يشهد انتخابات في مايو أيضاً! نصر الله قال في إحدى خُطبه أخيراً: لقد تغير الوضع، وصارت غالبية الشعب اللبناني تدعم المقاومة في ردع إسرائيل، ومنع الإرهاب! يأتي البُعدُ الإقليمي إذن من تبعية «حزب الله» لإيران، واستعداده لتنفيذ سياساتها في تقويض الأمن العربي، وتهديد المصالح الغربية، والابتزاز عبر دعوى مواجهة إسرائيل.. والواقع أنّ تنظيمات مثله هي التي تستدعي الإرهاب، وتستدعي التهديد الإسرائيلي. تقول التقارير الاستخبارية عن المشهد السوري إنه منذ شهورٍ يسمح النظام السوري، ويسمح الإيرانيون لبقايا «داعش» بالتسلل عبر مناطقهما إلى جنوب سوريا والجولان؛ وذلك بهدفين: أنّ يتقاتل الدواعش مع المسلحين الآخرين، وأن يعطي وجودهم بالجنوب، للنظام وللروس والإيرانيين، ذريعة التدخل هناك لمكافحة الإرهاب! إنّ الانتخابات النيابية اللبنانية والعراقية، ورغم تفاهة تفاصيلها المنشورة، ورغم الغرام الغربي الأعمى بديمقراطية الانتخابات، شديدة الخطورة على مستقبل البلدين، لأنّ أنصار إيران في البلدين يذهبون إلى صناديق الاقتراع بسلاحهم، وبأموالهم أيضاً. نقلا عن الاتحاد