مقالات

للأقْصَى سُيوف لا تُحْصَى

مايو 19, 2021
عدد المشاهدات 417
عدد التعليقات 0
للأقْصَى سُيوف لا تُحْصَى
بروكسيل ، مصطفى منيغ
لأول مرّة تحسّ إسرائيل أنها باخرة أشرعتها  تتمزَّق  والزوبعة المُلحَقة بها تتمكّن من لخبطة إبحارها صوب أي يابسة لا تقبل أن ترسو فوقها بعدما تبيَّن للجميع أنها محمَّلة بثقل تصرفات غير إنسانية يهددِّها بالغرق رويداً رُويداً آخر المطاف. فما معني  أن يتدخل “نتنياهو” ليحصل ما يتكرَّر من حصد أرواح بريئة استُشهِدت تحت انقاد منازل وأبراج سكنية ، تعرَّضت لوابل انتقام الجيش الإسرائيلي غير المبرّر ولا المحسوب على أي حرب من حروب لها شروطها والتزاماتها وحدودها وعهد موثَّق مُعترف به عالمياً بعدم التعرُّض للمدنيين وممتلكاتهم لأي ضرر مهما كان بسيطاً ؟؟؟، ما معنى أن يعربد رئس حكومة ذاك النظام الصهيوني فوق أرض لا يملك فيها موقع قدم ، إن لم يكن مُسانَدا من أعداء الشعوب المغلوبة على أمرها المعرّضَة لمثل ما فعله “هتلر” ، ليس باليهود فقط ولكن بأجناس أخرى صام عن ذِكرها التاريخ ؟؟؟، لكن الانتباه بلغ مجراه ، ونهض الجدّ من مرقده ، تاركاً مهزلة “ّأسلو” تخيِّب استكانة مَن لِذُِلِّها وَصَلُوا ، ليتيقنوا أن تحرير الأرض لا يتمّ بالمراوغات السّياسية الظرفية ، وتذوُّقِ حلاوة الانزواء صحبة الماء والخضرة والوجه الحسن ، المتفنِّنة اسرائيل في فرضه على الراغِبة في تسخيره ريثما تتمكّن فتقذف به إلى سراب يُفقدِه (من تلقاء نفسه)  حتَّى الرَّغبة في الحياة ، وإذا كانت اسرائيل قد نجحت لحدٍ ما في إسكات أصوات معدودة  أصحابها معروفون بالاسم ، فإنها فشِلت تماماً رغم صرفها ما صرفته من ميزانيات هائلة على امتداد ما ينيف عن السبعين سنة ، لتقضي على الهوِية الفلسطينية وإن بقيت فمن أجل المظهر ليس إلاّ أما الجوهر فملك للإرادة الاسرائيلية تفعل به ما يمكّنها من مسح الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس من العقول، طبعا المُعتدي تارك بصمة تدل على غبائه ، إن لم نقل عن غرور عقله ، نسي حكماء صهيون ما يمثله الأقصى من أهمية روحية بالنسبة للمسلمين ، وذهبوا في مجالسهم الحميمية الخاصة أن مسلمي اليوم ليسوا بمسلمي البارحة ، والإسلام فقَدَ ما يُحرّك الوحدة بين معتنقيه بكيفية يسمح لمن يملك السلاح والمال أن يفعل بهم ما يريد ، ظانين أن امتلاك اسرائيل القنبلة النووية وما يجاريها من أسلحة الدمار الشامل ، يمكنها السيطرة والاتجاه لهدم الأقصى ولا أحد من هؤلاء المسلمين قادر على زحزحة مثل التخطيط اليهودي ، المصبوغ بطلاء الماسونية ، المغلّف بأوهام الاستيلاء على مقدرات العالم في جميع المجالات ، فلا مسيحية تأكل معهم ، ولا إسلام يزاحم شُربهم ، فأتت بعض صواريخ غزة العزة لتبدد حلمهم ذاك ، بل لتجعلهم يهرولون لمخابئ تحت الأرض خوفا وهلعا، كانوا أينما كانوا في بقعة اسمها اسرائيل لا تكفي ما تملك من مال وسلاح من إيقاف ما أحدثه  صاروخ”عياش”من خذلان اجتاحهم جيشاً وحكومةَ وحكماء صهيون . ليظهر أن الكيان الإسرائيلي هشّ متى واجه لغة يفهم معانيها جيّدا يطأطئ الرأس احتراماً رغم أنفه لها ،  أضف لذلك انتفاضة أهالي الضفة الغربية المباركة مكسرة سياج السلطة الفلسطينية للتعبير عن مشاركتها بما تملك وما تستطيعه في ملحمة معركة “سيف القدس”المقدسة ، وليطَّلع الاحتلال الإسرائيلي بالبث الحي المباشر ،  أن الفلسطينيين مد ممدود لتلقيح الأرض بعهد الصمود مهما لزم الأمر وبأي تضحية كالمُقدّمة في غزة العزة وأكثر منها بكثير ، حتى استئصال كل مظاهر البناء المزوَّر القائم على البهتان الذي ارادت به أذرع تلك الدولة الأخطبوط مصّ التراب الفلسطيني ضاربة عرض الحائط في استفزاز ومكر طال سبعة عقود ، بكل القوانين لتتبخّر حسب هواها ، وكأنها المقصلة تطال أعناق الآمنين للاستيلاء على أرضهم .
… اسرائيل تعلم منذ أيام قليلة فقط أنها لم تعد في نظر الغرب تلك المغلوبة على أمرها القائمة وسط أعداء يتطلعون لمسحها من جغرافية المنطقة وأنها اليتيمة الفاقدة حنان يبقيها على قيد الحياة . البداية من قلب أوربا “بروكسيل” التي يرى حتى اليهود داخلها ، أن اسرائيل لم تعد تناسب الاستقرار والسلام  لليهود قبل غيرهم ليس في الشرق وحده بل بالنسبة للعالم برمته ، ففي الوقت التي كان عليها الحفاظ  عمَّا خصتها به الظروف ممَّا لا تستحقّه من معروف ، على يد المملكة المتحدة ، وتوظيفه في نشر المودّة والتفاهم بين أصحاب الأرض والتاريخ ، وتقريب التسامح الديني بين العقائد السماوية الثلاث ، أخذت منذ الوهلة الأولى في زرع الفتن وخلق المؤامرات ، ليتسنى لها التوسّع بوتيرة غير مقبولة ، بل عزمت على امتلاك أفتك الأسلحة الموجهة ليس للدفاع عن نفسها بل لمهاجمة مَن جاورها لتفتيت عرى الدولة والأمة الفلسطينية العريقة المجد والحضور الحضاري المشرِّف ، حتى أصبحت المِعول الموضوع للهدم ، رهن اشارة من يغضّ الطرف عن تجاوزاتها الرامية للقضاء على فلسطين ، وملإ ما يُحتّمه فراغ ذاك القضاء ، لاكتساب أراضي توزِّع فوقها ما يُعدّ خرقاً فاضحاً لمن يتباهي بتطبيق القانون المانح الدول حقوقها الشرعية . ولتكون حربة في يد مَن سياسته اتجاه الشرق الأوسط ، سياسة امتلاك وتصرُّف مطلق ، و تشييد قاعدة يقف فوقها متى شاء ، وبالطريفة التي يضرب بها مَن شاء ، كما كانت عليه (ولا زالت ولو بحدة أقلّ) الولايات المتحدة الأمريكية في المقام الأول ، وما تابعها من دولٍ لا زالت تحن لفترة ، ما كانت الشمس لتغيب عن نفوذ إحداها لاتساع رقعة مستعمراتها بين القارات . “بروكسيل ” حيث يتوسع الغضب على اسرائيل يوما بعد يوم جراء ما يصل ساكنتها من صور فضائع جرائم قاتلة النساء والأطفال في غزة ، وكأنها ليست من البشرية في شيء ، بل دولة صهيونية دموية الطبع همجية التصرف خارجة عن قانون العقلاء ، يتّسع الغضب ليشمل كما ذكرت حتى اليهود ، التي حدثتني “البهلولية” بما يوضّح رغبة العديد من اليهود المغاربة المقيمين حاليا في مختلف المدن والبلدات المرفرفة فوقهم خرقة تتوسطها نجمة داوود ، عازمون على العودة لوطنهم الأصلي المغرب ، هروبا ممَّا صورته لهم  اسرائيل بجنة أرض الميعاد ، فاكتشفوا خلال الأسابيع الماضية أنها بقعة من هول ما يجري داخلها يتمزق كل فؤاد .
أوروبا تغلي أكانت في “ألمانيا” أو “النرويج” بما يفضح ممارسات اسرائيل ، ويعرِّيها أمام الإنسانية بأنها أبشع من بشاعة البشاعة ، وهي تقدم على هدم البيوت على ساكنيها في تحدي إجرامي  لا يهاب العقاب ولا يحسب للعدالة العالمية أي مقام يجب احترامه ، وإذا كان الرئيس الأمريكي “جو بايدن” يمهل “ّنتنياهو” حتى تحقيق أي انجاز يبقيه على رأس تلك الحكومة العبرية المنهارة حتماً ، فإنه سيقف ضد التاريخ الإنساني إن تماطل لتأخير صدور أي بيان موحَّد لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي ترأسه حاليا الصين .
… لقد استيقظ العرب يكفي التمعن في تلك الحشود المطوقة به اسرائيل أكانت منتسبة للبنان أو الأردن ، وما خرج به في مظاهرات معادية لإسرائيل  الشعب المغربي أكان في الرباط أو الدار البيضاء أو فاس أو غيرها من المدن المغربية المدافعة بمن فيها على الحق الفلسطيني ، وأيضاً لتحليل ما جري في “قطر” عامة و”الدوحة” خاصة التي احتضنت مهرجانا خطابيا غير مسبوق برئاسة السيد “هنية” رئيس الدائرة السياسية لحماس ، ليقف المحلل النزيه مشبعاً بمضمون الرسالة التي تجعل للأقصى من السيوف ما لا يمكن عدّها ولا معرفة الأماكن المسلولة فيها بعزيمة الجهاد من أجل ابقاء ذاك المسجد المبارك منارة عبادة أرادها العلي القدير الحي القيوم ذو الجلال والإكرام ، منفذ المؤمنين الصالحين الأوفياء لتعاليم القرآن الحكيم ، للجنة ونعم المقام .   
 مصطفى منيغ

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد ايضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى