شؤون محلية

عامان على عاصفة الحزم: الشرعية تتقدم بثبات والانقلابيون يناورون

مارس 25, 2017
عدد المشاهدات 598
عدد التعليقات 2
صنعاء -غدن اوبزيرفر
 في 26 مارس 2015، أطلقت السعودية على رأس تحالف عربي مؤلف من خمس دول خليجية إلى جانب مصر والأردن والمغرب والسودان، عملية عاصفة الحزم التي تحولت لاحقا إلى إعادة الأمل إلى مواجهة تمدد الحوثيين على حساب القوات الحكومية الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي. وبعد مرور عامين على هذه الخطوة تغيرت معطيات كثيرة المشهد في اليمن.

باتخاذهم قرار اجتياح المحافظات الجنوبية، يكون الحوثيون قد أكملوا ثلاثة أسباب مقنعة يرى الخبراء أنها شكلت نواة صلبة لقرار التدخل العسكري في اليمن وتشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية.

كان الخطأ الأول، وفقا للمؤشرات السياسية، ذهاب وفد حوثي إلى طهران في مطلع مارس 2015 والإعلان عن التوقيع على اتفاق شراكة اقتصادية مع إيران وصفت بأنها أشبه ما تكون بتسليم اليمن إلى إيران.

وتحدث رئيس الوفد الحوثي محمد عبدالسلام في تصريحات لوسائل الإعلام الإيرانية عن طبيعة هذه الزيارة بالقول “تم التوقيع على إطار تفاهم للشراكة الاقتصادية الشاملة بين الجمهورية اليمنية والجمهورية الإسلامية الإيرانية شمل الاحتياجات الأساسية في مجال الكهرباء والنفط والتبادل التجاري والاقتصادي وتعزيز التعاون الثنائي والاستفادة من الخبرات والإمكانيات الإيرانية في مختلف المجالات”.

ووفقا للاتفاق المثير للشبهات مع إيران، أبرم الحوثيون اتفاقية في مجال النقل الجوي تسمح للطيران الإيراني وطيران الخطوط الجوية اليمنية بتسيير 14 رحلة أسبوعيا في كل اتجاه لكل شركة.

لم يكتف الانقلابيون بتهديد أمن المنطقة من خلال نقل النفوذ الإيراني إلى خاصرتها وتسليم الاقتصاد اليمني إلى العدو الأول لأمن الخليج بل تجاوزوا ذلك من خلال القيام بخطوة أخرى تضاف إلى الخطوتين السابقتين حيث أعلنوا في 12 مارس 2015 عن إجراء مناورة عسكرية في منطقة البقع على الحدود السعودية مضيفين أنه سوف تستخدم فيها “مختلف أنواع الأسلحة”.

التحالف العربي تمكن من دعم بناء جيش وطني قوي يقاتل اليوم على مشارف العاصمة صنعاء في نهم وصرواح ويتوغل في مديريتي علب ومندبة في محافظة صعدة التي تعد معقل الحوثيين

قراءات خاطئة

هل كان خطأ سياسيا فادحا أم قراءة خاطئة للمشهد ما دفعت بالحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح للانقلاب على السلطة الشرعية وإرسال العديد من الرسائل الخاطئة للمجتمع الإقليمي والدولي؟

يعيد هذا السؤال طرح نفسه في الذكرى الثانية لانطلاق عملية عاصفة الحزم واتخاذ دول الخليج قرارها الاستراتيجي بالتدخل العسكري في اليمن في السادس والعشرين من مارس 2015، وكبح جماح المغامرة الانقلابية التي وصلت ذروتها باجتياح مدينة عدن التي اتخذ منها الرئيس عبدربه منصور هادي عاصمة مؤقتة ونقلت إليها دول مجلس التعاون الخليجي سفارتها.

وفي الإجابة على هذا السؤال تتقاطع العديد من المؤشرات التي يمكن التوقف عندها مليا والتي تعود إلى إقدام الحوثيين على اقتحام محافظة عمران (شمال صنعاء) والتي بدأت في فبراير 2014 واستمرت تصاعديا حتى يوليو من نفس العام.

وكانت هذه أول محاولة خروج للحوثيين من معقلهم الرئيسي في صعدة والذي خاضوا فيه ستة حروب ضد نظام علي عبدالله صالح بين الأعوام 2004 إلى 2010. ويذهب العديد من المحللين إلى أن تعامل المكونات السياسية اليمنية والمجتمعين الإقليمي والدولي كان ببرود مع هذا الاختراق الحوثي والسبب في ذلك يعود إلى سوء في قراءة التحركات الحوثية التي ظنوا أنها ستتوقف عند هذا الحد وربما يكون الهدف منها محدودا يستهدف بالدرجة الأولى تحطيم مركز النفوذ القبلي لآل الأحمر ومركز النفوذ العسكري لحزب الإصلاح واللواء علي محسن الأحمر والمتمثل في اللواء العسكري 310 بقيادة العميد القشيبي.

وتحقق هذا الأمر ظاهريا من خلال إهانة رمز القبيلة متمثلا في أولاد الشيخ عبدالله الأحمر شيخ قبيلة حاشد وقتل القشيبي والسيطرة على لوائه العسكري. غير أن طموحات الحوثيين لم تتوقف عند هذا الحد واستمرت في التدحرج نحو العاصمة صنعاء التي تم اجتياحها هي الأخرى في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014. وسبب دخول العاصمة صدمة عنيفة في العواصم المحيطة التي تفاجأت بهذا الاندفاع الجنوني للميليشيا الحوثية التي لم تكن تأبه بالخطوط الحمراء والحسابات السياسية الإقليمية والمحلية والدولية.

ولم تتوقف المغامرة الحوثية عند اجتياح العاصمة والتوقيع على اتفاق السلم والشراكة الذي رعته الأمم المتحدة بل بدا واضحا أن الحوثي سيكرر تجربة حزب الله في لبنان وسيكتفي بلعب دور مؤثر في المشهد اليمني.

في مقابل القراءات السياسية الخاطئة لتحركات الحوثيين وعدم التكهن بها، لم يفلح الانقلابيون كذلك في قراءة الحسابات الإقليمية وهو ما دفعهم للاستمرار في سياسة فرض الأمر الواقع، حتى أنهم تجاهلوا رسائل تحذير مباشرة وصلت إليهم بعدم الاقتراب من العاصمة المؤقتة عدن وهو أمر يتجاوز قراءة المشهد إلى التعامل معه باستخفاف وتحد.

وتقول العديد من المصادر إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح لعب دورا بارزا في الزج بالحوثيين في معركة عدن. وتتعدد التفسيرات في هذا السياق فبينما يعتقد البعض أن عبدالله صالح قدم نصائحه القاتلة للحوثيين بناء على خبراته السابقة وإقدامه على اجتياح عدن في صيف العام 1994 بالرغم من وجود تحذيرات مشابهة.

ويرى آخرون أن علي عبدالله صالح أدرك أن هناك ردة فعل عنيفة ستحدث في حال اقتحام الحوثيين عدن في مارس 2015. ولكنه تعمد الزج بقوات النخبة الحوثية في هذه المعركة حيث شغلها عن استهدافه وهو الأمر الذي كان وشيكا وخصوصا عقب سيطرة الحوثيين بالقوة على العديد من المعسكرات الموالية للرئيس اليمني السابق والتي كان آخرها معسكر القوات الخاصة التابع للحرس الجمهوري بمنطقة الصباحة غربي صنعاء والذي قصفه الحوثيون بالمدفعية والدبابات قبيل “عاصفة الحزم” بشهر تقريبا.

حالة انهيار في صفوف تحالف الحوثي صالح

كيف تبدو الصورة اليوم

قادت الحسابات الخاطئة من كل الأطراف إلى ضرورة انطلاق عاصفة الحزم وهي المعركة الكبرى التي قلمت مخالب إيران في جنوب الجزيرة العربية إلى حد كبير. ودفعت بالانقلابيين إلى الحافة على الرغم من محاولتهم الاستمرار في مغامرتهم مع السعي لعقد صفقة تحول دون خروجهم من المشهد اليمني بصورة كاملة.

ولكن كيف يبدو الحال اليوم بعد عامين من انطلاق “عاصفة الحزم”؟ لاختزال هذه الإجابة في صورة واحدة؛ يعمد الكثير من الناشطين اليمنيين إلى إظهار صورة زعيم الجماعة الحوثية عبدالملك الحوثي وهو يتحدث بنبرة مرتفعة ويلوح بيديه متوعدا قبل مارس 2015 حينما كان مزهوا بانتصارات كتائبه التي سيطرت على معظم مناطق اليمن، ومقارنة ذلك بصورة أخرى حديثة له ظهر فيها قبل أيام شاحب الوجه ونحيل الجسد، يتلعثم في كلامه وتبدو علامات الندم بادية على محياه.

وتختصر صورة زعيم الجماعة الحوثية بين مارس 2015 ومارس 2017 الكثير من المعاني والمؤشرات والإحصاءات التي تعكس حالة الانهيار التي وصل إليها الإنقلابيون في اليمن عموما والتي تدرجت عبر مراحل بل تتجاوز ذلك إلى قراءة مغايرة لواقع المنطقة برمتها قبل عاصفتي الحزم والأمل وبعد عامين من الحرب التي قلصت مساحة نفوذ الحوثي وصالح إلى المرتفعات الجبلية حيث انحصرت سلطتهم في العاصمة صنعاء والمحافظات المحيطة بها مقابل سيطرة الحكومة الشرعية على نحو 80 بالمئة من مساحة اليمن الطبيعية بما في ذلك محافظة حضرموت التي تم تحريرها من قبضة تنظيم القاعدة في أبريل 2016.

وفي الجانب العسكري تمكن التحالف العربي من دعم بناء جيش وطني قوي يقاتل اليوم على مشارف العاصمة صنعاء في نهم وصرواح ويتوغل في مديريتي علب ومندبة في محافظة صعدة التي تعد معقل الحوثيين، إلى جانب قوات أمنية تحكم السيطرة على محافظات جنوب اليمن وتقلص من مساحة نفوذ الجماعات المسلحة.

في مقابل النمو المطرد لقوات الجيش الوطني يتعرض الانقلابيون لحالة استنزاف كبيرة مع تراجع قدرتهم على حشد المقاتلين في ظل الخسائر البشرية الهائلة. وتراجعت قدرة الحوثيين على تمويل الحرب خاصة بعد تقلص الدعم الإيراني بسبب إحكام التحالف العربي لسيطرته على المنافذ البحرية وتحرير مناطق شاسعة من الساحل الغربي من بينها باب المندب والمخا وميدي والاقتراب من الحديدة.

سياسيا، تواصل الحكومة الشرعية بناء قدرتها على إدارة المناطق المحررة وإعادة تأسيس النظام الإداري وتفعيل عمل المؤسسات الحكومية في مقابل حالة انهيار شبه كلي في منظومة الإدارة لدى الانقلابيين التي تشهد حالات صراع بين طرفي الانقلاب على السيطرة عليها وفشل المجلس السياسي وما تسمى بحكومة الإنقاذ في القيام بأي دور مع تشبث الحوثيين بكياناتهم الخاصة في إدارة شؤون الدولة من خارجها من خلال ما تسمى اللجان الثورية.

وفي الجانب الدبلوماسي، تواصل الحكومة الشرعية تعيين السفراء والدبلوماسيين في دول العالم في الوقت الذي تتزايد فيه العزلة المفروضة على الانقلابيين الذين لم يتمكنوا من إحداث أي اختراق أو الحصول على أي اعتراف حتى من الدول الداعمة لهم مثل إيران.

واقتصاديا، تسبب نقل البنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن في تجفيف منابع الحوثيين وعجزهم عن دفع رواتب موظفي الدولة الأمر الذي ينذر بحالة عصيان مدني مرتقبة. وفي الجبهة المقابلة تسعى الحكومة الشرعية إلى إعادة تأهيل القطاع المالي الذي تعرض لدمار كبير بسبب إجراءات الانقلابيين الأحادية، وتعمل حكومة بن دغر على إعادة تجميع وتنظيم موارد الدولة.

وتعمل الحكومة على تنظيم عملية دفع رواتب موظفي الدولة في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة الإنقلابيين وهو الواقع الذي يمنحها الشرعية الشعبية في تلك المناطق.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى